القرآن...سفينة النجاة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، أما بعد:
فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم
إن القرآن الكريم هو المنهج الرباني الذي أنزله سبحانه وتعالى إلى البشرية حتى يكون لهم دستوراً ومرشداً لتحقيق سعادتهم على هذه المعمورة، وبما أنه سبحانه وتعالى الخالق لهذا الوجود كله بما فيه،
﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾
فهو أعلم بما يصلحه وبما يفسده،
﴿وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾.
ولهذا كان وسيبقى كتاب الله تعالى هو سفينة النجاة للبشرية من أوحال وظلمات الحياة وكدراتها، قال تعالى:
﴿إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً﴾ [الإسراء: 9].
القرآن منقذنا من ظلمات الضياع:
كلما أهملت البشرية جانب الإيمان بالله تعالى والروحانيات، كلما غرقت في الماديات، وغابت ظلماتها، حتى تجد نفسها ابتعدت عن حقيقة وجودها، وبدأت تنكر خالقها، فتسعى وراء شهواتها بجشع وطمع، حينها سترى الظلم هو المخيم على ساحة العالم...
قال تعالى:
﴿قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ﴾. [المائدة: 15- 16].
تنبيه الحبيب صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لنا:
روى الإمام الترمذيّ عن سيدنا عليّ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
((ألا إنها ستكون فتنة... فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟
قال: كتاب الله... فيه نبأ ما كان قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل، ليس بالهزل، من تركه من جبّار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضلّه الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم. هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق –أي: لا يبلى- على كثرة الردّ، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجنّ إذ سمعته حتى قالوا:
﴿إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ﴾ [الجن].
ومن قال به صدق ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم)).
أهل الله وخاصته:
هنيئاً لمن قد جاء يسعى بنوره *** وطوبى لمن في الحشر أقبل يعملُ
إذا فَخر الإنسان يوماً برتبةٍ *** فحفَّاظه بالفخر أولى وأفضلُ
- روى الإمام النسائي وابن ماجة والحاكم بإسناد صحيح عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال:
- وروى البخاري عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها: عَنْ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قَالَ:
((إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ... قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ)).
((مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ))
وختاماً... نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته، وأن يوفقنا لتلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيه عنا، مصداقاً لما ورد عنِ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنه قَالَ:
((لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ)). متفق عليه.
ونسأله سبحانه أن يوفقنا لتعليمه بين الناس كما هو حال قوافل دعاة مركز الدعوة الإسلامية، في القوافل المدنية، ونشر تعاليمه وسنن الحبيب صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إنه سميع قريب مجيب، وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين...
Comments
Post a Comment